لماذا أعتبر القراءة أجمل أنواع الحب؟

اعتدت القراءة منذ صغري وأعتبر نفسي من محبيها، مع محاولاتي الحثيثة أن لا يمر يوم دون أن أقرأ ولو صفحات قليلة، وكلما تقدمت في العمر تأكدت أكثر من حالة الرومانسية التي نعيشها مع القراءة، وصار مما أكرره دائما: أن القراءة هي أجمل أنواع الحب.

إذن؛ لماذا القراءة أجمل أنواع الحب؟

صورة مكتبة

Books in Black Wooden Book Shelf – pexels.com

لماذا القراءة؟

يعتبر الإنسان كائنا فضوليا جدا، يحب أن يعلم كل شيء، ويحب التكلم في ما يعنيه، وما لا يعنيه، وبالتالي؛ فعملية اكتساب المعلومات تملك سحرها الخاص لنا كبشر.

تعطيك القراءة مفاتيح العلوم والعوالم، وتعطيك بريقا استثنائيا في نظرتك للأمور من حولك؛ حيث تشعر دائما أنك قادر على ربط ما حولك بطريقة منطقية ومتسقة.

وبالنظر إلى كل ذلك، تبدو القراءة استثمارا مثمرا، ومنتجا، ورابحا جدا، كيف لا؟ وهي تشبع فضول الإنسان ورغباته المعرفية التي لا يمكن إشباعها بالوجبات السريعة اللذيذة (معلومة شخصية: أنا من عشاق الوجبات السريعة، وأعاني دائما في الابتعاد عنها، حفاظا على صحّتي ومحفظتي).

أربعة أسباب تجعلك تحب القراءة

أولا: اهرب من الواقع قليلا

يعتبر الواقع هو المكان الذي تبذل فيه أقصى طاقتك وتعيش فيه غالب وقتك (إلا إن كنت روائيا، فالخيال هو ملعبك ومساحتك).

وبالنظر إلى شدّة عيشنا في الواقع؛ فإن أذهاننا تفقد قدرتها التخيلية شيئا فشيئا، وهو ما أستطيع الشعور به كلما حاولت أن أفكر بأفكار جديدة غير روتينية (وأعيشه يوميا مع تحدي رديف لاختيار مواضيع التدوينات)، وغالبا ما تضيء الأفكار في ذهني بسبب فكرة وجدتها في كتاب، أو اقتباس احتفظت به من قراءة مقال معين، ونحو ذلك.

إذن؛ تترك القراءة في العقل مسارات خالية من الواقع لتجعلك خياليا قليلا، أو على الأقل؛ تعطيك القراءة الحد الأدنى من الخيال الذي يجعلك تنجو.

صورة سحب تغطي جزءا من الشمس

Gray and Blue Sky – pexels.com

ثانيا: اكتسب مهارات التفكير النقدي

بالنسبة للتفكير الناقد ومهاراته، فلست مبالغا إن قلت أنه صار شريان حياة أساسيا في عصر المعلومات الذي نعيشه، وبالنظر إلى التخصصات المطلوبة والتطور التقني اليومي الذي نراه، لم يعد التفكير الناقد رفاهية خاصة بالمطلع على العلوم الفلسفية وغيرها (كما كان في الماضي) بل صار اليوم عصب الوظائف الحديثة.

أما بالنسبة لمساهمة القراءة في اكتساب هذه المهارات، فأي طريقة أفضل من قراءتك حجج ومناقشات عشرات العقول المتنوعة علميا والمختلفة ثقافيا؟ بل أستطيع القول بكل ثقة: إن القراءة جعلتني أطلع على مهارات نقدية لم أتخيل في يوم أنها موجودة أصلا.

ثالثا: كن ساحرا لغويا

“أهل العربية جن الإنس؛ يبصرون ما لا يبصر غيرهم”
الإمام الشافعي.

في المقولة السابقة للإمام الشافعي يتحدث عن قوة اللغة العربية، لكنني اقتبستها هنا لتوظيفها بشكل مختلف (وهذا من فوائد القراءة أيضا، مهارات إعادة توظيف الكلام)، فالمقولة السابقة تنطبق على كل اللغات إن نظرنا للغة أنها مجموعة الكلمات والجمل التي تجعل الشخص قادرا على التعبير عمّا يفرحه ويؤرقه، بتعبير آخر؛ تجعلنا كأننا نرى المشاعر ماثلة أمامنا.

عندما نستطيع الوصول لهذه المرحلة من تطويع اللغة كما نريد، لا ريب أننا سنكون جن الإنس، لكننا قبل كل شيء، لابد أن نكتسب تلك المفردات والجمل التي تعطينا القدرات الجنيّة التي نريدها، وأفضل مكان لكتساب تلك المهارات هو عقول الآخرين.

رابعا: حرّر الكاتب المبدع في داخلك

يعرف كل كاتب أن القراءة هي وقوده الدائم؛ فهي تزوّدنا بالأفكار اللازمة للكتابة عنها، وتعطينا المصطلحات التي سنستخدمها، وتمطرنا بعشرات الأفكار الخيالية والواقعية التي نستطيع استخدامها.

إذن؛ عبر الخطوات الثلاثة السابقة، تستطيع أن تحرر كاتبك المبدع وتبدأ في التدوين وتسجيل اليوميات وغير ذلك، وإن كان لديك تساؤل عن أهمية الكتابة، فأؤكد لك أننا حاولنا الإجابة عنه سابقا.

في الختام، لا أستطيع أن أقول بعد كل الذي ذكرته سابقا إلا أن القراءة هي أجمل انواع الحب لدي (على الأقل إلى أن أتزوج). أتخيل الكتاب كآلة الزمن تملك قدرات سحرية غير السفر عبر الزمن، وأعيش معها كل يوم حتى أبقى مشتعلا بالطاقة والخيال.

الخلاصة

القراءة هي أجمل أنواع الحب. تمنحنا القراءة مفاتيح العلوم والعوالم، وتغمرنا ببريق استثنائي في نظرتنا للأمور من حولنا، وتساعدنا على اكتساب مهارات التفكير النقدي وتوسيع آفاقنا الذهنية. كما أنها تجعلنا سحرة لغويين، قادرين على التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا بطرق جميلة وقوية، وتحرر الكاتب المبدع في داخلنا، فتمنحنا الأفكار والمصطلحات اللازمة للتعبير والكتابة.

شكرا لوقتكم الثمين، ودمتم بودّّ.