كيف يتغلب المحترفون على صعوبة البدايات؟
في الزلزال الأخير الذي أصاب الناس في سوريا وتركيا -أسأل الله لهم الأمن والأمان والسكينة- وبينما كنت أرى الخوف في عيون المصابين، كان هناك سؤال واحد يجول في خاطري، وشاركتني أختي السؤال نفسه: كم مرة بدأ هؤلاء من جديد؟ وكم مرة لا يزال مقدّرا لهم أن يبدؤوا؟
أعتبر نفسي ممن جرب البدايات الجديدة مرات معدودة، عشت في 3 بلدان متفرقة، وتنقلت فيها بين خمسة مدن، وعدة بيوت -هذا الرقم قد يكون كبيرا للبعض، ومضحكا للبعض الآخر- كل هذا في عمر كنت فيه واعيا بكل شيء، لكنني لا أستطيع حتى هذه اللحظة القول أنني تأقلمت مع صعوبة البدايات.
لا أزال إلى اليوم أعاني مع كل بداية جديدة بغض النظر عن شكلها.
عانيت حين بدأت المرحلة الجامعية، وأعاني الآن في بدايات أي علاقة، ولا زلت أعاني مع كل بداية عمل جديد، مع علمي التام أنني لا أعاني وحيدا من هذا، لأنه شيء شبه عالمي.
الجميع سيعاني في البدايات والجميع مقدّر له أن يبدأ في حياته عدة مرات من أماكن مختلفة للوصول للاستقرار، ثم بعد ذلك ترك الاستقرار هذا كاملا والبداية من جديد، أتفهم أنها معاناة الجميع، لذا، هنا خمس أستراتيجيات للتأقلم مع البدايات:
أولا: إياك والخوف من الخطأ
يخاف الجميع من الخطأ، خصوصا عندما يكونون في مكان جديد، لكن ما يميز الناجحين جرأتهم الكبيرة على ارتكاب الأخطاء في الوقت الذي يسمح لهم فيه بارتكابها، بل هم يحاولون التعرف على كل شيء وتجريب كل شيء في ذلك الوقت، لأنه وقت خالٍ من المحاسبة، ويستطيع الإنسان فيه أن يجرب كل شيء قبل أن يصل للوصفة المثالية
ثانيا: تذكّر البدايات السابقة الناجحة
من المؤكّد أنك جربت بداية سابقة بنفس هذا الضغط العصبي والنفسي الذي تعيشه الآن. ومن المؤكّد أيضا أن واحدة من تلك التجارب قد نجحت نجاحا باهرا، إذن؛ عليك التذكّر أنها ليست المرة الاولى وأنك قد فعلتها سابقا ونجحت فيها، بل نجحت نجاحا مبهرا، فلا داعي للخوف هذه المرة لأنها ستمر كما مرت كل التجارب قبلها.
ثالثا: فرّغ مخاوفك
واحدة من أكثر الأشياء التي يتهرب الناس من فعلها هي تدوين المشاعر.
تدوين المشاعر أداة من أقوى الأدوات التي تسمح لك بأن تفرّغ ذهنك قليلا من الضغوطات وأفكار الخوف التي تصيبك.
دوّن مشاعرك بكل يومي واكتب كل ما تشعر به وحاول أن تتواصل مع الكتابة كأنها رجل تحاول أن تفضي له عن مكنونات نفسك حتى يساعدك، فالكتابة سوف تساعدك جدا في رؤيتك للصورة الكبرى وفي فهمك لما هو تحدٍ فعلا، وما هو مجرد خوف نابع من التجربة الجديدة
رابعا: افهم المطلوب منك بشكل تفصيلي
أهم ما يعطي المرء الثقة في البداية هو فعله ما يطلب منه على وجه مكتمل، وكلما أتم مهمة مما يُطلَب منه؛ يصبح واثقا من نفسه أكثر فأكثر، فالسر في البداية في فهمك للمطلوب منك يشكل تفصيلي حتى تستطيع أن ترسم خطة واضحة له وتضيفه لقائمة إنجازاتك.
أخيرا .. جميعنا نمر بهذه المخاوف المتعلقة بالبداية، وأحدها ما أمر به هنا في تجربة التدوين عن كل ما يجول في خاطري، فلا تقلق. والطريقة الوحيدة لتجاوزها هي الاشتباك معها والانغماس فيما تخاف به
ومن يتهيب صعود الجبال ** يعش أبد الدهر بين الحفر
شكرا لوقتكم الثمين، ودمتم بودّّ.